“قافلة بين سينمائيات” تحتفي بأفلام المخرجات افتراضياً حيث الحرية أوسع
على غرار معظم المهرجانات والفعاليّات الثقافية حول العالم تثري “قافلة بين سينمائيات” الفضاء الافتراضي بأيام ثقافية من انتاجات الفن السابع. عن برنامج دورتها الرابعة عشرة والتي تجري على الإنترنت في الفترة الممتدة بين الرابع والثالث عشر من تشرين الثاني / نوفمبر القادم.
ويضمّ برنامج عروض الدورة الجديدة خمسة عشر فيلماً ما بين تسجيلي وروائي، من بينها سبعة أفلام تعرض في العالم العربي للمرة الأولى. وتضم القائمة أفلاماً لمخرجات من إحدى عشرة دولة هي مصر، لبنان، الأردن، الجزائر، فرنسا، إسبانيا، سويسرا، ألمانيا، هولندا، كوبا، البرازيل وإيران.
أفلام الدورة سبق لها أن حصدت العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية دولية وعربية بارزة من بينها مهرجان برلين وفينيسيا ولايبزيغ ومونبيلييه وإيدفا وبوينس آيرس بالإضافة إلى مهرجان الجونة السينمائي ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
ومن أبرز الأفلام العربية في برنامج هذا العام فيلم “كما في السماء كذلك على الأرض” للمخرجة اللبنانية سارة فرنسيس الذي شهد عرضه العالمي الأول بمهرجان برلين الدولي، وفيلم “جزائرهم” للمخرجة لينا سويلم الذي عرض في الكثير من المهرجانات الدولية وحاز على العديد من الجوائز.
كما يحتفي المهرجان هذا العام بالفيلم اللبناني “بيت، اتنين، تلاتة” للمخرجة رُبى عطية، وفيه اختارت المخرجة اللبنانية الغوص في الماضي برحلة استغرقت تسعاً وسبعين دقيقة لتستحضر من ذاكرة والدتها شتات ذكريات طفولتها البعيدة والتي تمزّقت فيها بين ثلاثة بيوت بسبب الحرب والفراق والموت.
وفي محور العلاقة الملائكية مع الأم، يضم البرنامج أيضاً مجموعة من الأفلام القصيرة تجمعها ثيمة بعنوان “أمهات عن قرب” لخمس مخرجات مصريات، وهي “مصرية” للمخرجة أسماء جمال، “ماما باقولك إيه” للمخرجة إيمان مجدي، “رفقاء سكن” للمخرجة رانيا زهرة، “كف مريم” للمخرجة هديل عادل و”تطلع البنت لأمها” للمخرجة ندى حجازي. وهذه الأفلام القصيرة هي نتاج الدورة الأولى لورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي التي تنظمها “قافلة بين سينمائيات” سنويا.
ومن الأفلام العالمية البارزة في برنامج القافلة هذا العام الفيلم الكوبي “في همسة” والذي حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان “إيدفا” الدولي للمخرجتين هايدي حسن وباتريثيا بيريث. والفيلم البرازيلي “بابينكو، أخبرني عندما أموت” للمخرجة باربرا باث والحاصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجان فينيسيا، والفيلم الهولندي “المراقب” للمخرجة تريز آنا.
وتشهد الدورة الرابعة عشرة لـ”قافلة بين سينمائيات” لقاءات يومية مع مخرجات الأفلام عن بعد، ومن بين المخرجات المشاركات في اللقاءات المخرجة والممثلة باربارا باث والمخرٍجات لينا سويلم وسارة فرنسيس ورُبى عطية وباتريثيا بيريث.
ويضم برنامج القافلة أيضاً جلسة حوارية عن التعليم البديل للسينما في مصر وتونس والجزائر تجري في العاشر من هذا الشهر، وتشارك فيها المونتيرة والأكاديمية التونسية عزة شعبوني والمخرجة والكاتبة الجزائرية حبيبة دجانين والمخرجة المصرية أمل رمسيس.
كما تشهد الدورة الجديدة ورشة المونتاج الأوَّلي التي تديرها “قافلة بين سينمائيات” على الإنترنت على هامش العروض يومي الثاني عشر والثالث عشر من تشرين الثاني / نوفمبر، وتستهدف مخرجات الأفلام العربيات اللاتي قطعن شوطاً في إنتاجهن وصولاً إلى مرحلة مبدئية في المونتاج. وتتكوّن لجنة تحكيم الورشة من المخرجة عرب لطفي وميس دروزة والناقدة هدى إبراهيم.
خيار الركون إلى العالم هو نتاج التحولات التي أصابت العالم وأيضاً لحسابات مختارة تكشف عنها المخرجة المصرية أمل رمسيس مؤسسة ومديرة “قافلة بين سينمائيات” التي أشارت إلى أن دورة هذا العام تُقام افتراضياً نتيجة خيار واع وليس بسبب ضغوط جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه “في بلادنا العربية هناك الكثير من الضغوط البيروقراطية والرقابية التي تعيق حرية تنظيم عروض الأفلام، وهو ما يجعل الفضاء الإلكتروني مساحة أوسع للتواصل مع الجمهور دون قيود”.
استقطاب جهور أكبر من هواة السينما دافع إضافي لإقامة المهرجان، “هدفنا التواصل مع جمهور عربي لا تتاح له فرصة حضور المهرجانات أو ارتياد قاعات السينما التي صار الوصول إليها مقتصراً على نخبة من المهتمين والقادرين على دفع ثمن التذكرة، فضلاً عن أن معظم هذه الأفلام لا يجد طريقه لصالات العرض” تقول رمسيس معربةً عن أن “لا شيء يضاهي شاشة السينما، لكن العودة إليها تظل حلماً مرتبطًا بتحريرها من الحصار الذي يحرم الجمهور العربي من الاستمتاع بسحر السينما”.
وحول البرنامج تقول رمسيس “يضم برنامج عروض القافلة هذا العام مجموعة من الأفلام المتنوّعة في الموضوعات واللغة السينمائية، حيث حرصنا على اختيار مجموعة منتقاة من أفلام مميزة غير متاحة على أي منصة إلكترونية، فضلاً عن دعوة مخرجات الأفلام للقاء مباشر يومياً مع الجمهور”.
“قافلة بين سينمائيات” ليست فقط منصة للعروض وإنما للتفاعل والمناقشة وتبادل الخبرات عن قضايا تخصّ اللغة السينمائية وتخصّ الواقع أيضاً. كما أن الورش التدريبية جزء أساسي من تكوين القافلة والتي تتمّ طوال العام دون مقابل لمواجهة محدودية فرص التدريب وارتفاع أسعارها. فأحد أوجه دعم السينما في بلداننا العربية هو دعم منتجات ومخرجات الأفلام ومنحهنّ الفرصة لشقّ طريقهن بحسب المخرجة المصرية.
و”قافلة بين سينمائيات” هي مبادرة بدأت في العام 2008 بحلم محاولة خلق علاقة بين عوالم تجمعها الثقافة والواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتفصلها اللغة من خلال عروض أفلام متنقلة لمخرجات من العالم العربي وأميركا اللاتينية تبرز واقع المجتمعات في هذه المنطقة من وجهة نظر المخرجات.
وعلى مدى أربعة عشر عاماً كبر الحلم وتطوّرت التجربة لتشمل عروض أفلام لمخرجات من جميع أنحاء العالم وليس فقط من العالمين العربي واللاتيني، كما تضاعف عدد الأفلام وتنقّلت العروض بين العديد من العواصم العالمية على مدار السنوات الماضية، بما في ذلك العرض الثابت الذي نظم في مصر للعديد من السنوات باسم “مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة” وصولاً إلى الدورة الحالية من القافلة.
وتعتبر رمسيس أن “العروض الافتراضية لـ”قافلة بين سينمائيات” مرحلة مهمة تنسجم مع هدف التواصل مع جمهور أوسع في جميع أنحاء العالم العربي والعالم من خلال لغة السينما التي تتجاوز الحدود وتقرّب بين البشر، وتؤكّد المشترك بينهم من خلال وجهة نظر مخرجات من كل أنحاء العالم”.